الاثنين، 9 سبتمبر 2019

حكايات بير مسعود وكيف تنتهي بالوفاة احيانا !

اصحاب الامنيات وتناوبهم علي بير مسعود في هذا الصيف الحار


نتيجة بحث الصور عن بير مسعود في اسكندريه


يقع بئر مسعود على ساحل البحر المتوسط بمنطقة سيدي بشر، وتعد إحدى أهم مناطق الجذب السياحي بالمدينة الساحلية، في فصل الصيف تطوف نسائم البحر العليلة محلقة فوق هذه الربوة الصخرية الفريدة من نوعها والتي لا تضاهيها أخرى على شواطئ الإسكندرية.
 لكن هذه البئر في الشتاء تشبه فوهة بركان ثائر حيث تخرج منها المياه لتعلن تضامنها مع الأمواج العاتية خلال الموسم، إذ ترتبط البئر بقناة مائية مع البحر طولها ثلاثة أمتار وهي تنخفض عن فوهة البئر بحوالي 5 أمتار تقريبا في أعلى ربوة صخرية. وقد وصف الكاتب الإنجليزي" فورستر" هذه الربوة بأنها «غاية في الروعة، وهي عبارة عن كتل من الأحجار الجيرية البارزة داخل البحر، والتي يتخللها الماء وينبثق منها من خلال الثقوب والشقوق. وتم عمل شقوق طولية صناعية، وربما قام أهل الإسكندرية القدماء ـ الذين أحبوا الألعاب المائية ـ بعملها وثبتوا بها أبواقا موسيقية أو طواحين ميكانيكية، ويمكن إكمال السير على طول الساحل حتى غابات المنتزه». 
وكما هو حال الإنسان في كل مكان فإنه يبحث عن شيء خارق للعادة يعلق عليه تحقيق أمانيه وأحلامه، فتجد فتيات وسيدات وأطفالا وشيوخا يمسكون بقطع النقود المعدنية ويلقون بها في جوف هذه البئر الصخرية المحفورة بأنامل البحر المتوسط، اعتقادا منهم أن أمانيهم وأحلامهم ستتحقق بمجرد أن يهمسوا بها للقطعة المعدنية وابتلاع البئر لها. ولكنها، على ما يبدو، ثقافة الغيبيات والخرافات والأساطير، التي تعود جذورها إلى الأساطير اليونانية التي كانت تمجد سطوة البحار وآلهتها.
 استمدت البئر شهرتها كمزار سياحي من الأساطير والخرافات التي يتناقلها الأهالي والسياح عن بركات البئر وأنها تجلب الحظ، فما بين الدعوات «يا رب أتجوز.. يا رب أخلف.. يا رب ابني ينجح»، تجد الفتيات يبحثن عن فارس الأحلام، والسيدات يرغبن في الإنجاب، والأمهات يطمحن في نجاح أبنائهن في الدراسة، والرجال يرغبون في إنجاب الأبناء ليكونوا لهم سندا في الحياة، وآخرين يسعون في تمني الشفاء من أمراض عجز الطب وذلك كله: بشرط أن يلقي الراغب في تحقيق أمنيته عملة معدنية!
يتوافد على البئر سنويًا آلاف المواطنين الذين يلقون العملات المعدنية داخلها، راغبين في تحقيق ما تجيش به صدورهم من أحلام، فيما يجد العشرات من شباب المنطقة رزقهم في الغطس داخلها بالتقاط تلك العملات.
وبينما تساءلنا أين تذهب تلك القطع النقدية التي تقذف في البئر، جاء الرد سريعًا مع قيام شاب لم يكمل العشرين من عمره بالقفز متسلقًا جدار البئر للغوص داخله بمهارة كبيرة على أمل أن يجمع عددًا من العملات الملقاة بداخلها!!
الا أن المأساة تكمن في أن الكثيرين منهم يتعرضون للغرق بسبب قوة اندفاع الأمواج وعدم تمكنهم من العودة إلى فتحة البئر.
 و يقول الدكتور" أحمد عبد الفتاح"، عضو المجلس الأعلى للآثار سابقًا، إن هناك العديد من الروايات التي دارت حول البئر، ومنها ما رجحه علماء الآثار بأن يكون بئر مسعود هو: مقبرة قديمة شيدت في العصر اليوناني، حيث اشتهر اليونانيون بإقامة مقابرهم بالقرب من البحر، إلا أن هناك العديد من الروايات والشائعات التي تتردد حول تسمية "بئر مسعود" بهذا الاسم.
ولفت عضو المجلس الأعلى للآثار سابقًا، إلى أن من بين هذه الروايات وإن كانت أشهرها هي أن "بئر مسعود" سميت بهذا الاسم نسبة إلى "الشيخ مسعود"  أحد أولياء الله الصالحين، والذي كان يعيش في منطقة سيدي بشر، وكان يتردد بشكل يومي على البئر للتأمل في ملكوت الله والدعاء له، وتوفي بالقرب منه، وعندما تسببت البئر في غرق المنطقة المحيطة به في الشتاء, اعتقد البعض أنه غضب من أجل الشيخ مسعود وأطلقوا اسمه على البئر.
وتابع "عبد الفتاح" قائلاً: هناك رواية أخرى تعود إلى عهد الدولة الفاطمية، وترجح هذه الرواية أن بئر مسعود سُميت بهذا الاسم نسبة إلى عبد حبشي كان يملكه ثري عربي في ذلك الوقت، وكان دائم البطش به وتعذيبه، إلى أن تمكن العبد من الهروب من مالكه وتوجه إلى الإسكندرية ونام بجانب هذه البئر، وفي اليوم الثاني توفي العبد واعتبر أهالي المنطقة أن هذه البئر "مسعود" لأنه أراح العبد من بطش وظلم مالكه.
وأشار "عبد الفتاح" إلى أن هناك رواية أخرى تدور حول أن البئر سميت بهذا الاسم نسبة إلى طفل يدعى مسعود هرب من بطش زوجة والده التي كانت تداوم على تعذيبه واستقر به المقام عند البئر وفي يوم من الأيام عثر عليه الأهالي غريقًا داخلها.

الغريب أنه لا يوجد أحد من أهالي الإسكندرية يعلم السبب الحقيقي وراء تسمية البئر بهذا الاسم!!! 

ورغم الأجواء الرومانسية التي تحيط بالبئر، إلا أنها كباقي الآبار مليئة بالأسرار والحكايات والقصص الدرامية، فيروي أهالي المنطقة عن قصص انتحار لفتيات وشباب اصطدموا بواقع الحياة الأليم فألقوا بأنفسهم داخل البئر الصخرية مما أودى بحياتهم على الفور، وقد أوهم الجهل الكثيرين أن البئر مسحورة وأن الجثث تختفي ولا يتم العثور عليها أبدا، في حين أنها تنجرف مع تيار الأمواج إلى البحر مما يُصعب اكتشافها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق