الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

حكاية الفول والقيدرة!!!

الفول من حقول ممفيس الفرعونية

لا تستغرب إذ علمت أن الفول المدمس ضرب جذوره في الشخصية المصرية، منذ الأجداد الأوائل، إذ دوّن الفراعنة حكايتهم مع الفول على الجدران سواء في زراعته أو طهيه.

إذ وجد المصري القديم إن حبوب الفول تعد وجبة غنية تقدم لعامة الشعب.
فيقول" د. حسين عبد البصير" ، مدير متحف الآثار-مكتبة الإسكندرية ، ان الفول كان أحد الأطعمة المهمة في مصر الفرعونية ، إذ يعد من أهم البقول التي عرفها قدماء المصريين منذ بداية التاريخ الفرعوني ، حيث كان يتم زراعته  قرب العاصمة المصرية القديمة الشهيرة "منف" وغيرها من أجزاء الأرض المصرية العريقة.

كما أن المصري القديم نحت رسومات على جدران المقابر عن الحاصلات الزراعية التي كان يتم تقديمها للآلهة المصرية القديمة و منها  : زكائب الفول المصري القديم ، و عُثر على بقايا بذور الفول المصري القديم في بعض مقابر الفراعنة في طيبة وسقارة و الفيوم و غيرها.
وتم اكتشاف بقايا فول من العصر المصري القديم و حفظت في المتحف الزراعي بالقاهرة 
فيقول «عبد البصير» إن الفول اُستخدم منذ القدم كبديل غذائي عن اللحوم أحيانًا ؛ و ذلك لكونه يتمتع بكمية لا بأس بها من البروتينات الضرورية للإنسان ، لاحتوائه على عناصر ذات أهمية  تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض.
لذلك كان الفراعنة أول من قام بـ«تدميس الفول» حيث  كان يضعونه في قدور ذات مياه ثم يتم دفنها في رماد الفرن ، و تظل هذه القدور برماد الفرن مدة إلى أن ينضج ثم يؤكل بحسب "د. عبد البصير".
  و كان يأكل الفول عامة الناس ، بينما كان الكهنة لا يأكلون الفول في مصر الفرعونية حتى لا يتعارض أكله مع مهامهم الكهنوتية المقدسة داخل المعابد المصرية القديمة العريقة.
ويشير الأثري "مجدي شاكر"، إلى أن المصريين زرعوا حبوب الفول منذ عصور ما قبـل التاريخ وعرفوه في عصر الأسرات الأولى ، و كانوا يأكلونه مدمسا، و كلمه "مدمس " مشتقة من الكلمة "تمس" و معناها أن الفـول يوضع في قدور بها ماء، ثم تدفن في رماد الفـرن وتظل به مدة إلي أن ينضج ببطء. كما تفنـنوا في استخدامه فكانوا يصنعون منه البصارة واسمها بالقبطية "بست أورو" أي فـول مطبوخ ، وهى اكلة شعبية الي وقتنا هذا.
وقد لعب الفول، دورًا مهمًا في تغذية سكان حوض البحر الأبيض المتوسط، حتى أطلق عليه اسم "لحم الفقير"، كما أنه يعد وجبة رئيسية للمصريين، ويطلق عليه "حبيب الشعب".

هنا و في حارة "المستوقد"، التي يصل إليها من شارع ضيق متفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي، بحي الجمالية التابع لمحافظة القاهرة ، يوجد أقدم "منقد فول مدمس" في مصر.
منذ الوهلة الأولى لدخولك حارة "المستوقد"، تُدرك أنك داخل منطقة تغذي أكثرية مطاعم مصر بـ"قدر الفول المدمس"؛ فعلى يمين و يسار المارة بالحارة تجد العشرات من عربات الفول، كما أن الحارة سميت بـ"المستوقد"، نسبة إلى أقدم منقد فول مدمس بمصر ، و المملوك لشخص يُدعى "محمد الحاج".
وأضاف الحاج ، أن منقد الفول قديمًا يختلف عن الحاضر ؛ ففي الماضي كان يُشترط أن يوجد أي منقد بجواره حمام شعبي مثل ذلك الذي نراه في الأفلام القديمة ، حتى يتم تسخين المياه بجانب قدر الفول، حيث توضع 4 براميل فوق المنقد ، وبعد أن ترتفع حرارة النيران تسخن المياه للحمام!
وأوضح الحاج ، أن تسوية الفول قديمًا كانت تتم باستخدام مخلفات القمامة ؛ فأي شيء كان يُحرق لتسوية الفول ، أما اليوم فقد اختلف الأمر ؛ فبعد أن فُرض على أصحاب المستوقدات من وزارتي البيئة و الصحة عدم حرق القمامة لتفادي التلوث البيئي، الذي يصيب المصريين بالعديد من الأمراض ، تم استبدال حرق القمامة بـ"وابور الشرايط"، و أصبحت عملية الطهي تستغرق ما يقرب من 14 ساعة، و هو ما يستدعي أن نسهر طوال الليل لوضع الخشب اللازم تحت "الوابور" لإشعال النيران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق