يا خراشي , اصلها ايه ؟؟؟
لا يكاد يوجد مواطن في مصر لم يتفوّه بكلمة "يا خراشي" عندما ينصدم، أو يبدي إعجابه أو تعجبه، أو تحلّ عليه مصيبة، لكنّ الأغلبية الكاسحة من المصريين، لا يعرفون أنّها ، في الأصل، نداء أو استغاثة بالخراشي أوّل إمام للجامع الأزهر!
ثم تطور الاستخدام الحديث خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحول إلى حالة من حالات الإعجاب الشديد أو التعجب. وأصبح من الطبيعي أن تظهر العبارة في تعليقات على صورة طفل جميل، أو مجموعة من الملابس المثيرة للإعجاب، أو الكلمات وصور الكاريكاتير التي تأتي معبرة عن اللحظة أو مشاعر الشخص بقوة فيضاف إلى التعليق عليها عبارة "يا خراشي" مع كلمات مثل "على العسل.. الجمال.. الأناقة.. الأحساس.." وغيرها الكثير من الحالات المشابهة في حالة الإعجاب، وتساؤلات المنطق والتصديق في حالة التعجب.
يرتبط النداء بشكل مباشر باسم الشيخ الخراشي وهو أول شيخ للجامع الأزهر الشريف وأحد كبار العلماء المسلمين اسمه الكامل هو " أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن على الخراشي المالكي ". وقد أطلق عليه الخرشي والخَراشي نسبة إلى القرية التي ولد فيها وهي قرية أبو خَراش التابعة لمحافظة البحيرة. وهي القرية التي ولد فيها الشيخ عام 1601، ثم توفي في القاهرة عام 1690 ودفن فيها.
ذاع صيت الخراشي بين العلماء والعامة، واهتم الطلبة بحضور دروسه في الأزهر، في حين كان العامة يأتون إليه للنيل من كرمه وعلمه. ولكن أكثر ما يرتبط بالخراشي في ما يتعلق بسياق النداء الشهير هو ما عرف عنه من نصرته للحق ودعمه للمظلوم. وفي واقع يزداد فيه الظلم واستغلال الضعفاء من عامة الشعب يصبح لمن ينصر المظلوم مكانة مهمة لا يمكن التجاوز عنها خاصة أن كان من هم مثله قلة في اللحظة الزمنية أو المنطقة الجغرافية.
كان الشيخ الخراشي معروفاً بنصرته للحقّ و قوة كلمته، و كان كثيرون يستغيثون به لنصرتهم و نجدتهم من تعنت كبار الموظفين، و وصل الأمر إلى أن صارت استغاثة "يا خراشي"؛ النداء الشعبي الموجّه لشيخ الأزهر، كي ينصرهم على الظلم الواقع عليهم!
فكان من يقع في أزمة، أو يكون له مظلمة، ينادي "يا خراشي"، و إن كان النداء باسمه طبيعياً في حياته، فإنّ العبارة التي تحمل في قلبها معنى النداء، ظلّت تتردّد، خاصة في حالات المصائب و الأزمات، و تجاوز النداء زمنه، و استمرّ قائماً عبر تداول حكايات عن الشيخ الذي كان ينقذ المظلوم، و ربما صاحبها عبر الوقت الهتاف باسمه؛ بوصفه نوعاً من الأمنيات، و جزءاً من الماضي، الذي يحنّ له الجميع؛ نداء يحمل داخله تعبيراً عن الرجاء في أن يكون هناك "خراشي" جديد، يدعم المظلوم في مواجهة الظالم و قوته.
هذا الربط المباشر بين وقوع المصيبة و النداء باسم الشيخ، أو عليه، من أجل المساعدة، ظلّت في الوجدان المصري عبر السنين، و في حين تمّ تناسي التفاصيل مع الوقت، و تراجع حضور الشيخ نفسه، ظلّت العبارة تأكيداً على وجود علاقة بين "يا خراشي" و وقت الأزمة.
لكن بين حين و آخر ، يشنّ السلفيون حملة على كلمة "يا خراشي"، باعتبارها موقِعة في الشرك؛ و استغاثة بغير الله، "و بما أنّ الخراشي قد مات، فلا يجوز الاستعانة بميت لقضاء الحوائج؛ لأنّه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً"، و فق فتوى تحرّم كلمة "يا خراشي"!!!
إلّا أنّ هناك فتوى أخرى، لم تفتِ بشرك من يلجأ لهذا النداء؛ مثل الفتوى التي جاءت في موقع "إسلام ويب"، بعنوان: "ما حكم قول "يا خراشي" عند التعجب أو التحسّر؟"؛ حيث أوضح المفتي أنّ هذه الكلمة لا تعدّ شركاً، و ليس فيها استعانة بغير الله، "إنّما يقولها من يقولها عند التعجب من أمر معين، أو التندم و التحسر على أمر معين، و لا يقصد بها دعاء ولا استعانة، و الأولى للمسلم أن يأتي بالأذكار الشرعية الموظفة في تلك المواطن، فيسترجع إذا أصابه ما يكره، و يسبّح الله، أو يكبّر، إذا عرض له ما يتعجب منه"، وفق نصّ الفتوى!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق